أول لقاء تطبيقي في مجموعة Intellect عن علم الفلسفة مع مجموعة من الشباب المهتمين بهذا العلم وهم: أحمد جمبي – وراكان المسعودي – ومحمد الحمراني – ومهند النجار
الهدف من المرحلة التطبيقية هو:
ترسيخ المعلومات
التوسع في فهم العلوم
مقاربة المفاهيم إلى الواقع
الموضوع عن فلسفة الأخلاق .. وهو نقاش مفتوح مع المشاركات
بدأ الشباب حديثهم بتساؤل: “لماذا نحتاج الفلسفة في الأخلاق؟ وهل هي ذاتية أم موضوعية؟”
“ربما يكون مصطلح “فلسفة الأخلاق” غريباً على من لم يطّلع مسبقاً على مسائل هذا العلم رغم معرفته بمصطلح “الفلسفة” ومصطلح “الأخلاق” كلاًّ على حدة. إنّ مصطلح “الفلسفة” لوحده يشير إلى بيان العلوم النظرية الّتي تبين خصائص الوجود الكلية بالأسلوب العقلي. وأمّا مصطلح “الأخلاق” فإنّه يحكي الصفات الفاضلة والمذمومة في الإنسان، وكذلك العلم الّذي يتكلم عن الصفات والسلوكيات القبيحة والحسنة.”
“لكن ما هو المراد من المصطلح التركيبي “فلسفة الأخلاق؟”
تطرقَ الشباب إلى الحديث عن التجربة اليومية للتعامل مع الأخلاق .. وأن هناك خلاف على مفهوم الأخلاق وأن ما يراه شخصاً ما فعلاً أخلاقيا قد يراه أخراً فعلاً غير أخلاقي .. وأنه المفهوم قد يتغير من شخصٍ لآخر، وأن ما يجب فعله من منظور أخلاقي عند شخصٍ ما قد يراه أخراً لا يجب فعله وهكذا..
واستشهدَ الشباب بالفيلسوف الألماني – إيمانويل كانت – وهو فيلسوف من القرن الثامن عشر، وهو الذي استبدل المفهوم الديني للأخلاق بمفهوم العقل (نقد العقل المجرَّد)، وشرح الشباب فكرة – إيمانويل كانت – في فلسفة الأخلاق بأن الشيء الأخلاقي هو الذي يُمكن تعميمه على الجميع، والذي يمكن قياسه على الكون.
وأشارَ الشباب إلى كتابات الفيلسوف والشاعر الألماني وأحد المهتمين بعلم النفس – فردريك نيتشه – عن المفهوم التقليدي للأخلاق واستشهدوا بكتاب (جينيالوجيا الأخلاق) وهو الذي ربطَ فلسفة الأخلاق بالنزعة الأنانية عند الإنسان، وأن الطيبة عند الانسان قد تُفسَّر بأنها عجز .. وأن الصبر قد يكون نابع من الجبن .. وأن الصفح عجز عن الإنتقام .. وهكذا..
وأنه يرى أن الأخلاق المسيحية أخلاق العبيد أو أخلاق الضعفاء، كما أن نيتشه يرى أن – إيمانويل كانت – كان يُعمم على الجميع، ويرى أن هذا التعميم أنانية .. وأن – إيمانويل كانت – يُحوِّل البشر إلى قطيع بأخلاق كونية واحدة، ومن وجهة نظر نيتشه: أن الأخلاق يجب أن تُراعي الاختلافات بين البشر.
النسبية الأخلاقية في الزمان أو المكان:
وبعد الحديث عن العقل والأخلاق من وجهة نظر – إيمانويل كانت – والقوة والعقل من نظرية نيتشه، تطرَّقَ الشباب إلى الحديث عن الفيلسوف الفرنسي – إميل دوركايم – الذي اهتمَ بأثر بالبُنات الاجتماعية للمجتمعات، وأن له – فرضية – تقول أن كل مجتمع له أخلاقه الخاصة ولغته وتقاليده التي تُؤثر عليه .. وأن ذلك قد يواجه ويكون له أثرهُ على الأخلاق، وأن الشيء الذي يُعتبر أخلاقي عند مجتمعٍ ما قد يُرى كغير أخلاقي عند مجتمعٍ آخر.
وأشار الشباب أيضاً إلى أن هناك نظريات أخرى شبيهة بالمذكورة أعلاه وتهتم بالمكان وبعلم الإنسان وبالزمان .. واستشهدوا بفيلسوف وعالم اجتماع فرنسي من القرن العشرين هو – كلود ليفي شتراوس – والذي ذهب لأمريكا الجنوبية ودرسَ القبائل البدائية، ويرى أنه لا فرق بين بنية الناس فجميعهم لديهم تركيز للسلطة ومسلمات تُبنى عليها أخلاقياتهم، وأن الحضارة والزمان والنسق العقلاني جميعهم لهم دور في اختلاف الأخلاق.
وأشاروا أيضا إلى تأثير علوم الأحياء على الأخلاق، وعن تطوُّر الإنسان وجيناتِهِ وكيفية نشوء الأخلاق وأنها ناتجة من تطوُّر الإنسان.
ثم تطرق الشباب إلى مدارس حاولت وضع نظريات أو نماذج أخلاقية منها:
مدرسة utilitarianism والتي تُعرِّف بأن القيمة الأخلاقية للفعل تُحدَّد بقدر إسهام الشخص للنفع العام وأنَّ الفعل يُقيَّم بحسب ما ينتج عنه، ومثال على ذلك – من واقع الحياة اليوم – هو أن السعر المرتفع لتذاكر طيران الدرجة الأولى – لمن يرغب – تُساهم في تخفيض تكلفة أسعار التذاكر السياحية والتي تنفع العامة.
وتطرقَ الحديث للفيلسوف – إيمانويل كانت – مرة أخرى وبالتحديد عن (فلسفة الوعي) وعن معرفة الفعل الخاطيء من الصحيح وعمَّا يُلزِم الفرد عن فعل ما هو صحيح، وتساءلوا عمَّا إذا كان الشيء الأخلاقي يكون بدافع الفهم أم الواجب؟ وأعطوا مثالا عن العطاء: فإن مررتَ بفقير – مثلاً – وأعطيته مالاً، فهل هو تفضلاً أم أنه واجب؟ وعلقوا على وجوب كون الإحساس نابعاً من أنه الفعل واجب وليس تفضُّل .. ومرةً أخرى المصدر هنا هو العقل وهو قابل للتعميم.
واستشهدوا أيضاً بالفيلسوف الألماني وعالم الاجتماع المعاصر من القرن العشرين – يورجن هابرنس – والذي حاولَ ربط الاخلاق بالعقل، كمحاولة لتطوير نظرية – إيمانويل كانت – وجاءَ بمذهب (الاخلاق التواصلية) وهيَ الناتجة عن طريق التواصل في فضاء عام حُر .. وتفسر هذه النظرية تحقيق فكرة – إيمانويل كانت – قابلية (التعميم) مع الحفاظ على فكرة التوافق مع العقل، لأن بعض ما هو مُعمَّم قد لا يتفق مع جميع العقول.
ثم جاءّ الحديث عن البرجماتية .. وأن يكون الدافع الرئيسي هُنا هو الخُلُق، وأن الدوافع تتغيَّر بتغيُّر النتيجة، واستشهدوا بفيلسوف أمريكي من آواخر القرن التاسع ومن رواد علم النفس الحديث والذي يُعتبر أيضاً من أهم أعلام البرجماتية – وليم جيمس – والذي يقول بأن التفاعل مع الناس يعني القابلية للتغيير (لا للتعميم) .. وأشار الشباب إلى أن مشاكل البرجماتية بشكل عام هي أنها: ذاتية – ونسبية – وغير إلزامية.
وأشاروا إلى صياغة جديدة للبرجماتية – وإن اعتبرت نسبية – من فيلسوف أمريكي آخر من القرن العشرين هو – ريتشارد روتي – والذي يُعتبر من أهم ممثلي العلمانية والذي اهتم بإعادة تفسير “مفهوم الحقيقة” وأن الحقيقة يجب أن تُبنى على موافقة من الناس وأن الحقيقة تعني تضامناً وإجماعاً من الناس، ومن خلال ما يجعلهم يتضامنون .. والثابت هو الحفاظ على التضامن وأن ما يكسر التضامن لا يُعتبر أخلاقي.
وأنهى الشباب حديثهم “بمذهب الحرية الفردية” – الليبرالية – والذي فيهِ الفعل الأخلاقي يُحدد بعدم انتهاك حرية الاخرين .. وأن كل ما يُقيد الحرية يمكن اعتباره غير أخلاقي .. ودارَ نقاشاً مفتوحاً حول أن القوانين قد تلعب دوراً سلبياً في تحديد الحريات .. وعلقَ الشباب أن ليس كل قانون يُقيد يُعتبر غير أخلاقي، لأن بعض القوانين تلعب دوراً أساسياً في عدم انتهاك حرية الآخر.