قبل بداية اللقاء التأسيسي عن علم الفلسفة مع المهندس/ عبد الله النفيعي، وهو حاصل على بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة الملك سعود بالرياض وعضو مؤسس في حلقة الرياض الفلسفيَّة وله كتابين: (أوراق فلسفية 1) و (أوراق فلسفية 2) صادرين من نادي الرياض الأدبي.
وكعادة البرنامج – تم تقسيم المشاركات إلى مجموعات لمناقشة مادة القراءة 1* الخاصة بعلم الفلسفة مع أعضاء فريق البرنامج، حيث تُطرح الأسئلة ويجري النقاش – كعادة الفريق – قبل بدء كل لقاء تأسيسي
عُرض للمشاركات فلم عن اختبار ميلغرام 2* The Milgram Experimentوهو اختبار يدرس مدى الانصياع للسلطة أو بمعنى آخر دراسة سلوكيَّة للطاعة لمعرفة مدى طاعة الأشخاص في تنفيذ أمر يتناقض مع الضمير.
http://www.simplypsychology.org/milgram.html 2*
شرح لتجربة ميلغرام من مقال للكاتبة والصحافية الكويتية سعاد المعجل 3*:
“التجربة تشمل ثلاثة مشاركين، أحدهم يلعب دور المعلم والآخر المتعلم أما الثالث فهو من يقوم بالتجربة، بحيثُ يأمر ذلك الذي يقوم بدور المعلم بإرسال شحنات كهربائية إلى المتعلم الذي لا يتلقى تلك الشحنات بالفعل، ولكن من دون أن يعلم أن هناك من يرسلها. المهم أن التجربة دائما ما تستمر، على الرغم من سماع صراخ وألم الذي يفترض أنه المتلقي للشحنات. وفي كل مرة يعبِّر فيها المسؤول عن إرسال الشحنات الكهربائية عن رغبته بالتوقف تتم مواجهته بضرورة الاستمرار، وبأن نجاح التجربة مرتبط باستمراره بإرسال الشحنات، وبأنه لا يملك خياراً آخر إلا الاستمرار.”
“يفسر ميلغرام نتائج تجربته – التي تحوي تفاصيل أكثر مما تم ذكره هنا – بأنها تشرح كيف أنه وبإمكان أي مواطن عادي أن يسبب آلاماً لأشخاص قد لا يعرفهم، لسبب بسيط، وهو أنه يتلقى الأوامر من المسؤول عن التجربة، وبأن درجة انصياع الأفراد لأوامر السلطة هي مسألة تتطلب بحثاً وتفسيراً قد يُلقي الضوء، ولو قليلاً، على ما تشهده البشرية من قتل ودمار وعنف بأيدي بشر يشاركونهم الهواء والأرض.”
أشارَ المهندس/ عبد الله بأن الذكاء في هذه التجربة هو أن الاختبار في حالة سلم وأن السُلطة هنا ليست سُلطة بشر ولكن سُلطة عِلمية يريد أن يوصل صاحب التجربة بأنه عندما يخضع الإنسان تحت أي سُلطة – وتُنزَع منه كل المسؤوليات – يمكن أن يتُحكَّم فيه، حيث أن الباحث لم يستخدم السُلطة الاعتيادية ولكن استخدم سُلطة العلم ووجدها أنها أيضاً تُسيطر على الإنسان، وأعطى المهندس/ عبد الله مثالاً على ذلك كسُلطة الثقافة والعادات .. ومنها – مثلا – مثالاً حياً تعيشه بعض البلدان العربية كالذي يقتل أخته بسبب جريمة شرف بدمٍ بارد، وعلَّلَ سببها بسُلطة العادات.
وقُسمت المشاركات إلى عدة مجموعات ناقشت المشاركات من خلالها الفلم، وجاءت النتائج كالتالي:
غياب المسؤولية قد تتسبب في تمادي الإنسان في الشر
التعوُّد على الشر قد يقتل الإنسانية
وتساءلت المشاركات خلال النقاش عمّا إذا كان الشر يطغى على فطرة الإنسان؟
علقَ المهندس/ عبد الله قائلاً بأن هذا تساؤل فلسفي كبير، وقالَ أن الإنسان خيِّر في الأساس وتأتي الظروف وتجعل منه شريراً ولا تردعه إلا القوانين والخوف، والخوف هنا قد يكون عن طريق المعتقدات والأفكار.
وأشارَ إلى أن بعض البلدان عندما تضع القوانين تفترض أن الإنسان شريراً وارتكبَ الجريمة من تلقاءِ نفسه، في حين أن البعض الآخر يفترض أن الإنسان ضحية.
كما أضافَ أن تأثير البيئة له دور رئيسي، حيثُ أن الغالبية تعتقد أن الإنسان شريراً لأن علم الإنسان (الأنثروبولجيا) تقول بأن الإنسان الأول (البدائي) كان عنيفاً وأسلوبه همجياً، لذلك هناك مَن يعتقد بأنه توجد بواقي من هذه الخصائص، ولكن المدنيَّة روضتها.
ومن ضمن نتائج نقاش المشاركات حول تجربة ميلغرام:
الاقتناع بأن الفعل الذي قد يُعاكس الضمير يمكن أن يكون صحيحاً وله مبررات، كقتل العدو في الحرب مثلاً
ترسيخ معتقدات تؤثر على ردة فعل الناس بشكلٍ قد لا يتفق مع الضمير
ثم بدأت ورشة العمل بعنوان: “الفلسفة: قضايا ورأي عام” حيثُ بدأ المهندس/ عبد الله حديثه بأن التصوُّر العام للفلسفة مغلوط وناقص وفيه أوهام، ليس فقط على المستوى الشعبي ولكن حتى على مستوى المفكرين وأنه إلى وقتٍ قريب كان المهتمون بالفلسفة يتحيزون إلى مدرسة معينة مثل العقلانية والمادية والوجودية وغيرهم من المدارس إلى بدايات القرن العشرين، واليوم اختفت هذه المصطلحات، وأصبح المهتمون بالفلسفة ينفون عن أنفسهم صفة الفلسفة حيثُ كانت سابقاً الجوهر واليوم أتت العلوم المختلفة لتزاحم الفلسفة وتقلِّص الاهتمام بها.
مواضيع ورشة العمل:
ماهي الفلسفة
تعريفات الفلسفة
تاريخ الفلسفة
المدارس الفلسفية الكبرى
الفلسفة والدين
الفلسفة والعلم
إنجازات الفلسفة في التاريخ الإنساني
الفلسفة في العالم العربي والإسلامي
ماهي الفلسفة؟
أو كما تسائل المهندس/ عبد الله: “لماذا تفلسف المتفلسفون؟” وأجابَ بأن أحد الحوافز هو أن الإنسان يطمح أن يعرف الجديد إلى أن تُوجد فكرة أخرى تمنع الإنسان من التفكير وغالباً ما تكون فكرة دينية، وحافز آخر هو نتائج تقليص الغريزة، والمقصود بالغريزة هنا غريزة السُلطة والتملُّك والقتل وغيرها من الغرائز السيئة، وحافز آخر – واعتبره مهم جداً في الفلسفة – وهو وعي الموت.
وتحدثَ عن الحواس، وتساءل عن رؤيتنا للأشياء، هل نرى الشيء فعلاً أم يُخيَّل لنا؟ لأن هناك من الفلاسفة مَن يقول بأن كل ما نراه هو خيال، وهي نظرية قديمة كان لها شأنها في السابق، وهناك أيضاً من المباحث القديمة التي جاءت بأن كل شيئ ثابت لا يتحرك.
وجانب آخر هو الدهشة لأنها – بحسب تعبيره – “الانطلاقة الأولى للتفكير” بل أن الدهشة هي الجانب الحيوي في التفكير.
وأخيراً يأتي حافز الشك، وهو سبب رئيسي لتفكير الفلاسفة، وللشك قيمة خطيرة حيثُ يمكن أن تحوِّل الشخص من مرحلة التفكير إلى مرحلة اللاتفكير، وأشارَ إلى أن المشككون لا ينتجون معرفة، بل يُشككون فقط.
تعريف الفلسفة
أولا – التعريف الشعبي للفلسفة:
وهو معروف شعبياً، حيث يقول الناس بالعامية: “لا تتفلسف عليَّ” لأن الفلاسفة دائماً لا يتناولون المواضيع بشكلٍ مباشر بعكسِ العلماء، لذلك ارتبطت الفلسفة بكثرة الحديث، وأشارَ بأنه تعريف غير دقيق ولكنه صحيحاً من ناحية الإطالة وكثرة التبرير.
ثانياً – التعريف الفكري للفلسفة:
هو التفكير المُنظَّم، وكل مَن فكَّرَ بطريقة منظمة فقد مارسَ الفلسفة وليس شرطاً أن يكون فيلسوفاً .. والتفكير المُنظَّم هو الذي ينتقل من الأسباب إلى النتائج مع إيجاد الرابط بينهما، وقال في هذا الشأن: “أن آداة الفلسفة هي المنطق”.
أهداف الفلسفة؟
كانت الفلسفة تُغطي مواضيع مختلفة مثل الفلك والرياضيات وغيرهما، بل أن كل العلوم كانت مرتبطة بالفلسفة .. والتفاصيل الماديَّة جعلت كل علمٍ ينفصل عن الفلسفة، وأصبحت الفلسفة محصورة في موضوعات شمولية تتسم بالضبابية، مثل الحق والخير والجمال وغير ذلك، وأصبحَ اليوم هو مفهوم الفلسفة.
وتطرقَ بعد ذلك إلى تعريفات الفلاسفة للفلسفة، حيثُ قال أن كل فيلسوف يُعرِّف الفلسفة بناءً على ما يعتقد به .. وعلى ذلك قال أن: “كل تعريف للفلسفة صحيح”.
تاريخ الفلسفة:
عادةً عند مناقشة تاريخ الفلسفة يدور الحديث حول الفلسفة اليونانية وهذا – بحسب تفسير المهندس/ عبد الله – غير صحيح، لأن هناك الشرق القديم أو الشرق الأقصى (من عام 2500 قبل الميلاد إلى عام 1000 بعد الميلاد) كالصين والهند وبلاد ما وراء النهرين إضافةً إلى آسيا الوسطى والعراق ومصر وجميعهم سبقَ اليونان (من عام 500 قبل الميلاد إلى عام 600 بعد الميلاد) بسنواتٍ طويلة، لكن طريقة فلسفتهم مختلفة عن الطريقة اليونانية، فاليونانيين وثنيين، ووثنيتهم مُجسمة ولها أشكال متعددة (آلهة لها أشكال عديدة) في حين أن الشرق الأقصى عندهم حُكماء وهُم يركزون على الخلاص الإنساني، وكانت فلسفتهم يتغلب عليها الخيال، أما في الفلسفة اليونانية لديهم ملامح ذكاء ظهر متأخراً.
أعطى المهندس/ عبد الله مثالاً على ذكائهم بأنه في القرن العشرين ظهرت المدرسة البرجماتية وهي فلسفة أمريكية خالصة (سيأتي تعريفها لاحقاً4*) وفي العصور اليونانية هناك مَن تحدث عن مذهب المنفعة وهو ما تقوم البرجماتية عليه اليوم، وهذه إشارة على أنه كان لديهم إلماحات إلى بعض الموضوعات ولكن بشكلٍ منقوص وبحاجة إلى تطوير.
وأشار إلى حقبة القرون الوسطى التي ركز فيها على فلاسفة عرب أهمهم: إبن ميمون (عربي يهودي) وإبن رشد (عربي مسلم) وإبن سينا (عربي مسلم إسماعيلي) وركزَ على إبن رشد لأن تأثيره كان حتى على الفكر الغربي، فهو أول مَن طرحَ فكرة المادة .. أي أن كل ما هو مادياً ملموساً وأن أساس المادة قديم وغير مخلوق، وحين انتقلت أفكاره إلى أوروبا وصفَ المسيحيين أتباع إبن رشد بالملاحدة في حين أن إبن رشد كان فقيهاً وقاضياً في العالم الإسلامي، وقد تعرضَ أيضا للأذى في العالم الإسلامي بوصف أفكاره خارجة عن الدين.
أشارَ المهندس/ عبد الله في طرحِهِ أن انتشار الفلسفة في عموم أوروبا سببه احتلال العثمانيين للقسطنطينية، حيثُ كانت أوروبا قبلها في حالة خمول، ولكن نظراً إلى أهمية القسطنطينية لأوروبا، شعرَ الأوروبيون بالسقوط فظهرت أنواع عديدة من الفلسفة.
وتطرقَ بعد ذلك لعهد النهضة وهو عهد “الدين المُطوَّر” لدى المسيحيين ثم إلى عصر التنوير، حيثُ بدأ الطرح يرتقي ولم يُصبح مسألة تتعلق بأن الدين مع الفلسفة أو بالدين ضد الفلسفة، وبدأ الزخم الفلسفي ينمو في بلدانٍ مختلفة في أوروبا، حيث أنتجت هذه الفترة الثورة الفرنسية إضافةً إلى المثالية الألمانية والتي سعت إلى تمييز ألمانيا وكانت مسألة لا إرادية وغير ممنهجة، وغير ذلك.
ثم جاء الحديث عن القرن التاسع عشر، حيثُ لم تعد الفلسفة عملية بحث عن الحق والخير أو غيرهما ولكن كانت عملية لتغيير العالم، وأشارَ أن أهم نظرية أثرت في الفلسفة هيَ نظرية داروين، حيثُ أزاحت حملاً كبيراً عن الفلاسفة، وخلاصة القول أنه كان عصر اكتشافات وعلم وصناعة تميَّزت الفلسفة فيه بنوعٍ من العملية.
المدارس الفلسفية الكبرى:
العقلانية: الطريق الصحيح للوصول للمعرفة هو عن طريق العقل .. بحيثُ تضع منهجاً للعقل لتصل إلى الحقيقة
التجريبية: تقول بأن العقل ليسَ له أي دور وأن التجربة هيَ الطريقة الصحيحة للوصول إلى المعرفة، فالتجريبيين حِسْيين
البرجماتية 4*: ليس لديهم اعتراضاً في اللجوء إلى العقل أو التجربة أو حتى الخرافة إذا كانت الفكرة نافعة، وإذا كانت نافعة فهيَ الحق
الوجدانية: تهتم بالإنسانِ في الواقع وتُركِّز على الفرد وتُؤمن بأن كل إنسان تميّزه فرديّته
المادية: تؤمن بالتجربة والعلم ولكنها ليست حسيَّة، وتحوي العلاقات بين الطبقات والكُتل الإنسانية، فالفقر مثلاً يؤثر على طبقةٍ ما وهذه الطبقة تؤثر على غيرها وهكذا..
علاقة الفلسفة بالدين:
بدأ الحديث حول هذا الشأن بأن الفلسفة نظام معرفي له بدايات ومنهج ونتائج .. وأن الفلاسفة يُفكرون في كل الأشياء وشتى الموضوعات وكذلك الدين، ولكن توجد فروقات، حلّلها المهندس/ عبد الله كالتالي:
أولا – النظر للحياة:
هنا الدين يُحاول أن يُساعد أتباعه على التعايش مع مختلف التعقيدات، في حين أن الفلسفة تُحاول المساعدة على الفهم والتمتُّع، وأشارَ أن ليسَ من أهداف الأديان التعريف بكل شيء، والدليل أن في الدين توجد أسئلة مُحرَّمة وحتى عند أهل العقائد هناك رفض للاختلافات، خصوصاً في الإسلام والمسيحية.
ثانيا – شكل الحياة:
في المنظور الديني تتسم بالبساطة والهدوء وعدم التحدي لأن الدين من طبيعته الثبات، في حين أن التعامل مع المتغيرات – عموماً – في الفلسفة أكثر قبولاً.
ثالثاً – أسلوب التفكير:
الدين يحثُ على التفكير في أُطرٍ معينة، أي التفكير فيما يُفيد الدين والعقيدة بحدود، لكن الفلسفة – غالباً – ليس فيها حدود.
رابعاً – النظر للتغيير:
الدين لا يحث كثيراً على النظر للتغيير بل على الثبات، وكل ما كنت ثابتاً كنت إيجابياً، والفلسفة تؤمن بالتغيير
خامساً – الحقيقة:
في الدين ثابتة وفي الفلسفة من المفترض أن تكون متغيِّرة، لأن هناك مَن هم منتمين إلى مدارس فلسفية ولديها ثوابت.
سادساً – الإمكانات:
الدين يتميَّز بقدرةٍ فائقة على خلقِ مجتمعات ثابتة ومتماسكة لأن الدين يُركز على الجانب العاطفي والوجائهي، على عكس الأفكار الفلسفية فهيَ تتحدث عن مجتمع إنساني، فالدين يجمع أكثر من الفلسفة، واستشهدَ المهندس/ عبدالله بالفيلسوف فولتير – من المفكريين التنويريين – وهو ممن كان لهم موقف سلمي من الدين في فرنسا.
سابعاً – التغيير:
الدين والفلسفة فيهما تغيير بفعل الخبرة الإنسانية، فالدين الإسلامي – مثلاً – موجود في السعودية وأندونسيا وتركيا وغيرهم ولكن توجد اختلافات، وعموماً توجد اختلافات بين السنة فيما بينهم والشيعة، وكذلك الشيعة وفيما بينهم .. ومع الوقت تصبح المتغيرات جزءاً من الدين، في حين أن الفلسفة أكثر تغييراً وأقل حدة.
ثم تطرَّق المهندس/ عبد الله لسؤال المشاركات: هل الفلسفة تعني الإلحاد؟
إجابات المشاركات لم تأتي بالموافقة التامة ولا بالرفض التام، وكان تعليقه حول هذا الشأن أن الكثير من الفلاسفة غير ملحدين ولكن الإله الذي يؤمنون به ليس إله الأديان وهؤلاء يُسمَّمون بالإلهيين الطبيعيين، ولديهم مبدأ بأن صورة الإله التي جاءت به الأديان غير صحيحة وحجتهم أنه عندما خلقَ الخالق الكون كان يستطيع أن يبث في العقل الإنساني المعلومات من خلال الفكر بدلاً من الرُسل، فهم يؤمنون بالإله بطريقةٍ مختلفة بدون إنكار للخالق، كما أشارَ أن نوع آخر من الفلاسفة هو اللادينيين وهم يؤمنون بمركز الكون وهو العقل الكلي ويرفضون فكرة الإله المُشخص فلديهم تصوُّر خاص بأن العقل الكلي هو كل شيء ويقفون عند هذه الجزئية، وبالنسبة للفلاسفة الملحدين يقول بأنهم قلة وبحسب تفسيره يرى أن الإلحاد – بشكلٍ عام – يتعلق بحرية الإرادة ولكي يكون للإرادة مبدأ وضع الجنة والنار ولتحقيق العقوبة والثواب يجب أن يكون الإنسان حُر الإرادة.
الفلسفة والعلم:
تساءلَ المهندس/ عبدالله عمّا إذا كانت الفلسفة قبل العلم الطبيعي أو العكس، ووجهة نظره أن الأدوار تبادلت، حيث في فترةٍ ما كانت الفلسفة تقود العلم لأن العلم لم يكن متقدماً ولم تكن فيه إنجازات، وفيما بعد تقدمَ العلم وأصبح لديه قضايا تجُّر الفلسفة.
وفي ذلك استشهدَ بداروين وكتابه (أصل الأنواع) والذي أثرَ في كل الفلسفات التي أتت بعده، بل أن الفلسفة قبل داروين اختلفت عما هيَ بعده، لأنه أدخلَ مفهوم جديد وهو التطوريَّة، حيث أن التطوُّر يُمكن تتبعه كالإنسان – مثلاً – يمكن تتبُّع تطوره إلى اليوم، فهو أثر في علم الإنسان وهكذا..
منهج الفلسفة:
منهجٌ كُلي وشُمولي يعتمد على العقل والاستدلال، في حين أن العلم يشتغل على قضايا وينتقل إلى قضايا أخرى.
ماذا أنجزت الفلسفة في التاريخ الإنساني؟
كان الفكر في بدايات الفلسفة تفكير بسيط وساذج – بحسب شرح المهندس/ عبد الله – يتحدث عن أن أصل الحياة هو الهواء والماء والنار وعلى هذا السياق .. إلى أن وصلنا اليوم إلى توليد الجنين (تداخل بين الفلسفة والعلم) .. وحول القضايا كانت تتحدث عن الكون والأخلاق وغيرهما، واليوم تعقدت أكثر بحيثُ اهتمت الفلسفة بقضايا يومية يعيشها الإنسان
وبالنسبة للسياسة أصبحَ هناك نوعاً من المشاركة، بحيثُ كان العرق الأسود في السابق – على سبيل المثال – لا يُشارك في الحياة السياسية في عدة بلدان في حين تجد أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يتولى رئاسة أمريكة لفترتين متتاليتين، وفي شأن الأنظمة والتشريعات تجد أن قلة من الفلاسفة من تطرقَ في هذا الشأن ونصحَ المهندس/ عبد الله بالقراءة لمونتسكيو وهيجل حول هذا الموضوع، وأوضح أن علم الاجتماع والمدارس الاجتماعية كلها لها جذور فلسفية تتمحور حول المدرسة الماركسية .. وبالنسبة للتربية نصحَ بالقراءة لجون ديوي وفي السلوك لدوركايم.
وتحدثَ أيضاً عن اللغة وأنها أصبحت متهمة، وأن التفكير في السابق كان لأجل التفكير بأساليب وطرق مختلفة، واليوم دراسة اللغة أصبح لها شأنها وتأثيرها.
الفلسفة في التاريخ الإسلامي والعربي:
يشير المهندس/ عبد الله بأن هناك طرحاً يقول بأن المسلمين والعرب لم يقدموا فلسفة، ويرى أنه من جهة قد يُعتبر ذلك صحيحاً لأن الفلاسفة المسلمين والعرب من الكندي لابن سينا إلى إبن رشد وغيرهم أخذوا الفلسفة اليونانية وحاولوا التوفيق بينها وبين الدين، وذلك في عصر إزدهار الفكر الإسلامي وهو – بحد تعبيره – أقصى ما فعلوا.
وتساءلَ – من جهة أخرى – إن كانوا قد أتوا بفلسفة خاصة بهم؟ وأجابَ بأن ذلك يأتي بسؤالٍ إرتدادي وهو: “هل يوجد أصلاً من أنتجَ فلسفة خاصة به خارج إطار الفلسفة اليونانية؟”
وختمَ حديثه بأن الجميع تأثر، ولكن الغرب أكثر تنوعاً وأثرى، وأشارَ أنه في الوقت المعاصر لم يكن هناكَ فلاسفة بالمعنى الدقيق ماعدا الدكتور/ عبد الرحمن بدوي وهو شارح وله كتاب عن الفلسفة الوجودية وغيره.
لمزيد من المعلومات حول الضيف يمكنكم متابعته في تويتر على حسابه الشخصي @AbdallahAlnfei
1* مادة القراءة: يتم إرسالها للمشاركات في البرنامج قبل اللقاء